الهجرة من روسيا
تذكر كتب التاريخ في بلدنا أخباراً متفرقة عن وصول المسلمين إلى فنلندا ابتداء من القرن السادس عشر الميلادي. و في بداية القرن التاسع عشر شارك العمال المسلمون في إصلاح و تحصين قلعة فنلندا (سومنلنا). كان بين هؤلاء من شارك في الأعمال الجمعية و الإجتماعية و الجماعية المنظمة. و قامت الدولة بتسليمهم أرضاً لمقبرة خاصة بهم.
وفد غالب المسلمين إلى بلدنا في نهاية القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين و استمرت هذه الهجرة دون انقطاع لغاية سنة ١٩٢٥ للميلاد.
ينحدر معظم من هاجر من المسلمين إلى الوطن الجديد من أصحاب المزارع الصغيرة الذين سكنوا قرى أكتوك و سوكسو و كوجسو المسلمة في محافظة نيزني ـ نوفوغورد في روسيا. وكان بعض القرويين يعملون في التجارة في منطقتهم على مدار السنة. إضافة للزراعة انتشر النشاط التجاري شتاءً إلى مناطق أبعد شملت الفنلنديين. و كانت فنلندا بالطبع في حينها دوقية كبرى روسية متمتعة بالحكم الذاتي، و لم يكن هناك قيود على تشكل خطوط للتجارة من روسيا إلى فنلندا. من ثم استقرت هذه الخطوط التجارية و مع ضعف فرص الدخل في روسيا بسبب أوضاع الملكية الزراعية، بدأت هذه الوجهات التجارية المعتادة بجذب ممارسي التجارة الشتوية إليها بشكل أقوى و ازداد عدد من انتقل للسكنى بشكل دائم في فنلندا.
الإستقرار
اتبعت هجرة المسلمين شكل الهجرات الداخلية من المناطق النائية إلى ضواحي المدن. و اختيرت المدن الكبرى نسبياً أو المراكز الريفية أمكنة للسكنى.
تعتبر تريوكي عتبة هامة للهجرة، انتشرت منها الهجرة عبر فيبوري نحو الساحل باتجاه كوتكا و هلسنكي و توركو و بوري و فاسا و أولو و كمي و من ثم اتجهت الهجرات نحو الداخل متجهة إلى ريف هلسنكي و محيطها و خاصة نحو يارفنبا و تامبيري. أما الطريق الثالث للهجرات فكان نحو مدن لابينرنتا و فركاوس و كوبيو.
تشكيل الرابطة
مع استقرار حركة الهجرة و تغير الحركة التجارية نحو تجارة محلية، ازدهرت العلاقات بين المسلمين أنفسهم و بدأ الشعور بالحاجة لعمل جمعوي ، حيث كان من الضروري إيجاد ظروف ما لتطبيق متطلبات الدين العلنية. و قد غذى الشعورَ بالتماسك و الإلتحام اللغةُ الواحدة و الدينُ الواحد و الأصولُ المشتركة. كما بدت هامةً ضرورة حماية الخصوصية الوطنية في بيئة ثقافية غريبة.
تم تأسيس نادي المسلمين الخيري كجمعية مسجلة لحماية التقاليد و العادات الدينية و الوطنية الخاصة، و وافق المسؤولون على قوانين هذه الجمعية و تأسيسها في عام ١٩١٥ للميلاد.
اضطر المسلمون حينها لممارسة نشاطاتهم الدينية بشكل مؤقت في أماكن مؤجرة و تم الحصول على الأموال اللازمة لإدارة النشاطات من التبرعات و النذور التي قدمت حينها. في معظم الحالات كان المتبرعون راغبين في أن تكون تبرعاتهم بعيدة عن الشهرة. هذا النادي الخيري كإسمه لم يكن مسجلاً كرابطة دينية فقوانين فنلندا حينها لم تكن تسمح لغير المسيحيين بتأسيس تجمعات و روابط دينية مع أن التسامح نحو أصحاب الديانات الأخرى كان هو السائد عملياً.
التأسيس
كان دخول قانون حرية الأديان حيز التنفيذ فرصة للمسلمين لتقنين نشاطهم الديني. و اضطر المسلمون وقتها للإنتظار ثلاثة أعوام حيث أن النادي كان ما يزال مسجلاً مع أن ممارسة الدين و إقامة الشعائر الدينية الإسلامية كانت ممكنة عن طريقه. وفي أيلول سبتمبر من عام ١٩٢٤ سلم إلى وزارة التربية الفنلندية طلب تسجيل و القانون التأسيسي لجمعية المحمديين الفنلنديين و لإقرار الخطوات المطلوبة في قانون حرية الأديان. و تم تسجيل جمعية المحمديين الفنلنديين في سجل الروابط الدينية في الرابع و العشرين من نيسان أبريل عام ١٩٢٥. وقد نص مرسوم مجلس الوزراء حول الموضوع مايلي: في الرسالة الموجهة إلى مجلس الوزراء قام كل من الشيخ و. أ. حكيم و التاجر عمر عبد الرحيم من مدينة هلسنكي و خمسة و عشرون شخصاً مسلماً آخر بعضهم من هلسنكي و بعضهم من مناطق أخرى في فنلندا، و بناء على المادة ١٣ من قانون حرية الأديان بالإعلام عن تأسيسهم لرابطة دينية تحت اسم الجمعية المحمدية الفنلندية ، مقرها هلسنكي ، ويديرها الشيخ و. أ. حكيم و التجار عمر إبراهيم و نور محمد علي من هلسنكي واسماعيل عارف الله من كوتكا و عماد جمال الدين من تامبيري، و قد أرفقواً بهذا الإعلام توضيحاً عن معنى الشهادتين و طريقة ممارسة شعائر الدين علنياً و القانون التأسيسي للجمعية…
تم اختيار ولي أحمد حكيم كأول رئيس لإدارة الجمعية.